الخميس، 3 ديسمبر 2015

نظرية القلقاس

نظرية القلقاس -مفروض عن الحب- -غير مكتمل- -معرفش وصل للشكل ده ازاي-

من منا يحب القلقاس حقًا؟
ذلك النبات الضعيف الأبيض اللزج الذي يدرك مدي سوءه فدائمًا ما يحاول التشبه بالبطاطس، لكن هيهات !
كلنا -أو العاقلون منا- لا نأكل القلقاس الا مضطرون، حين تصيح بنا أمهاتنا و تجبرنا على أكله، فنأكل خوفًا من غضبها او من ان تصدق في تهديدها و تتركنا جائعين نأكل شحم أجسادنا، أو خوفًا من أن يسمع والدنا صوتها ويخرج يلعن اليوم الذي أتى بنا فيه. 
عليك أن تأكل القلقاس لكي لا تكون ولد عاق.
عليك أن تأكل لانه مفيد.
عليك أن تأكل لان الجميع يجب أن يأكلوه.
عليك أن تأكله والا لن ترحمك تشنجات أمك و ستتبعك لعنات أبوك لأخر العمر.
أليس كذلك؟

في الواقع القلقاس سيء، ولا يجب عليك أن تأكله ان لم تريد ذلك حقًا، مهما توسلوا وبكوا و استحلفوك بأرواحهم لا تأكله الا اذا اردت ذلك.
اذا يأسوا من الطرق السابقة سيحاولوا اقناعك، سيقولون لك انهم يريدون أن يروك تأكل قبل وفاتهم، سيقولون أنهم يريدون الاطمئنان عليك وان يرتاح قلبهم، سيقولون انه سُنة الحياة و عاجلاً او أجلاً ستأكله، سيقولون و يقولون لكن لا تستسلم، لا تأكل ان لم ترد حقا أن تأكله.

هل تريد ان تجرب طعم المهانة والضعف؟
هل تريد أن تتوه في دوامة أزلية من الروتين والملل والقلقاس والبامية؟
حسنًا كُله وانه طبقك كما نصحوك، لكن تذكر انك اخترت باختيارك الحُر، وانهم لن يشفعوا لك امام نفسك حين تندم، وأن القلقاس سئ فعلا ولن يحسنه من يقول لك انه بطاطس خضراء.

القلقاس كالزواج عزيزي، لا تتزوج لأنك مضطر أو لأن الجميع يفعل، لا تتزوج خوفًا من أحد أو على أحد، لا تتزوج إلا لأنك تحب شريكتك ولا تتخيل أن تمضي عمرك دونها، لا تتزوج .. "!"

للسيدات فقط..

للسيدات فقط.. -عن الاختلاط- -غير مكتمل-

للاختلاط بالجنس الاخر مشاكله، و لتجنب كل هذه المشاكل عليك بالفصل بينهم.
لا تضع الزيت علي ماء حتي لا يحدث اشتعال، و إبعد الـ عن الـ حتي لا يحدث انفجار كيميائي.
لكن، هذا يسري فقط في المطبخ و معمل الكيمياء، فعلي أرض الواقع الكبت يولّد الانفجار، و العزل ينشيء الفضول و كما يقال فإن كل الممنوع مرغوب فما بالك ان كان الممنوع بأمر العادات و العيب هو مرغوب بأمر العقل و الجسد معاً !

الفصل بين الذكور والإناث في المدارس، ثم ظهور العربة الخاصة بالسيدات في المترو، ثم التاكس الخاص بالنساء فقط، وقبل هذا كله المنع للأختلاط وتحريمه كأن كل ما يربط الرجل بالمرأة من علاقات تدور في نطاق المحرمات، ممنوعين من الصداقة نمارس الحب في الخفاء مما خلق أجيال مشوهة لا تعرف الحب ولا الصداقة بين الطرفين. دائما ما تتخلل أي صداقة بين شاب وفتاة بعض الشد والجذب والقليل من العاطفة لاننا لم نتربى على أن نحترم معنى الصداقة أو لنقدس الحب. وكأن كل كلمة حلوة وكل نظرة او اهتمام هم إشارة لعشق خفي.

بلا بلا بلا بلا بلابلا بلا بلا بلا بلا
بلا بلا بلا بلا بلا
بلا بلا بلا بلا بلا
بلا بلا بلا بلا بلا
بلا بلا بلا بلا بلا
بلا بلا بلا بلا بلا
بلا بلا بلا بلا بلا

"نرى العالم جنسً وسريرَ" هكذا وصف نزار قباني حالنا وهكذا سنبقى إذا لم تتجاوز نظرتنا الاجساد.

..!

حين تحيط النيران بالعقارب، تقوم العقارب بلدغ نفسها حتي لا تحترق.

احترق المنزل، و تحطمت الساعة، و ظلت العقارب تجري في مدارها غير مهتمة بالنار المشتعلة حولها، أحدهما لاحظ النيران، بحث عن ذيله حتي يلدغ نفسه .. فلم يجد له ذيل، أما الآخر فلم يلحظ اشتعال صاحبه لكنه لاحظ الحرارة حوله، يجب أن يستمر، يجب ان يدور، لا يجب ان يتوقف الوقت لأي سبب كان !

العقرب يدور أسرع، عقرب وحيد يدور في دائرة لانهائية من الوقت، محدداً بإطار ولا يمل -هكذا صمموه- و هكذا يجب أن يكون، يدور أسرع و أسرع ولكن لا مفر !

النار تحيط به، الفزع بدأ يظهر علي وجهه، نظر حوله يستجير بصديقه فوجده محترق، ذائب في الساعة، لقد ذاب عقرب الدقائق ولم يبقي سوي الثواني، مهما جري أسرع لن يتحرك الوقت، مهما بحث لن يجد له ذيل، لكن .. لا يجب أن يتوقف ﻷي سبب كان، فالوقت لا يتوقف حتي و إن مرت الدقيقة بعد دهر !

متى تصل أمينة للباب المفتوح؟

*نشر في مجلة حكايتنا -الله يرحمها-.

الحرية هي القدرة علي فرد جناحيك متي شئت.
تم التعامل مع الحرية كموضوع خصب في السنيما و الادب العربي، فظهرت العديد من الروايات و الافلام التي تتحدث عن الحرية و تحاول تقنينها ووضع مفاهيم محددة لها، فهل نجح اياً منها في التحدث عن حرية المرأة !
الباب المفتوح و انا حرة فيلمين و روايتين يناقشوا حرية المرأة و حدودها و نظرة المجتمع لها..
و تنتمي كلتا الروايتين إلى المدرسة الواقعية في الأدب الحديث.
لن نتطرق بالطبع للفروق بين الاسلوبين أو الصور المستخدمة أو أياً ما كان يتطرق له متخصصي الأدب المقارن، لكن يكفينا أن نقارن بين نهاية البطلتين، فهما فتاتان تتفق غاياتهما وان اختلفت شخصياتهما، فكلتاهما تبحثان عن الباب المفتوح.
في انا حرة جعل احسان عبدالقدوس البطلة تمر بكل مفاهيم الحرية الخاطئة و تمادت حتي وصلت لمرحلة التسيب المشروط، و ظنها في ان الحرية في التعليم ثم في العمل حتي أصبحت عبدة للحرية، ثم وجد ان التحرر في الحب .. سواء حب الوطن او حب الشخص، لكن يبدو ان شرقيته “نقحت” عليه لان بمجرد ظهور عباس أصبحت أمينة مجرد عروس ماريونت خائبة .. ووضح الفيلم نقد فكرة حرية البطلة كلها في المشهد العظيم حين انحنت أمينة تحت قدمي عباس لتلبسه حذاءه فأصبحت في لحظة عُملة مشابهة لعمتها الضعيفة الجاهلة و ضاع في لحظة كل التعليم الذي اصرت ان تتعلمه و التشدق بالبحث عن الحرية، و أصبحت نسخة مُعدلة من أمينة سي السيد.
أمينة هي تائهة في بحر المُطْلقات، فهي إما متمردة جداً تضع رغبتها في الحرية أولاً او عاشقة جداً تنغمس في بحر الهوي و تري ان فيه حريتها، غير مدركة للسحب القوي الذي جردها من آخر ذرة تمرد كانت تنتزع به حريتها.
كتب حوار الفيلم نجيب محفوظ و اخرجه صلاح ابو سيف و تألقت به لبني عبدالعزيز..
لكن، هل وصلت الحرة حقاً للباب المفتوح؟
“كانت رواية الباب المفتوح علامة فارقة في كتابة المرأة العربية، لا لتماسك بنائها و حيوية شخصياتها فحسب، بل لان الكاتبة أخرجت المرأة من الهامش الاجتماعي الذي زُجّت فيه في الحياة والكتابة معا، ودفعت بها وبحكايتها الى مركز الحدث التاريخي”
رضوي عاشور-
في الباب المفتوح جعلت لطيفة الزيات “ليلي” فتاة عادية .. ضعيفة لكن تقاوم، لم نجد بها العناد الذي رصدناه في أمينة بطلة احسان عبدالقدوس و إن كانت بداخلها ذات صوت قوي و متسقة الي حد ما مع نفسها ..
لم يظهر تمرد ليلي الا في موقفين و أوضحت النتائج المنطقية التي ترتبت عليهما -حين خرجت في المظاهرات و عادت ليقابلها “شبشب” والدها و حين قررت اخيرا السفر لبورسعيد-
ليلي نموذج لأغلب بنات عصرها -وللاسف عصرنا- لا تعلم ما محلها من الاعراب أهي حرة أم ﻻ، كانت مؤمنة بذاتها و متمردة و ان كان علي استحياء، كانت ترفض عادات اهلها و تُعمل عقلها، حتي عشقت و اصطدمت و دخلت في حالة من اللاوعي و “انطفت اللمعة اللي في عنيها” فجاء حسين، حاول ان يعيد اللمعة الضائعة منها و يعيد ليلي للحياة، وقع في حبها من النظرة الاولي لكن حبه إختلف عن حب التملك الذي اراده عصام -ابن خالتها- ، حبها و لكنه لم يردها أن تفني كيانها في كيانه ..
في طريق البطلة للباب المفتوح تصطدم بحالات أخري تبحث عن بابها المفتوح، كجميلة إبنه خالتها التي ظنت ان الخلاص في الزواج من رجل غني فضربها الواقع فرمت نفسها في أحضان عشيق بعد أن رفضها الموت، و أصدقاءها التي وضحت بهم انواع اخري من البنات و الافكار و المصائر، دائماً تتأثر بهم لكن تأثيرها فيهم شبه معدوم، و تظهر أيضاً علاقتها مع الرجال من أب و أخ و نزوة و حبيب و خطيب و أفكارهم و تناقضهم و مفهوم كلاًً منهم عن الحب.
في النهاية و بعد رحلة نفسية طويلة تنتهى الرواية بالباب المفتوح وقد تحررت البطلة من سجن الذات، تجد ليلي الحب في نفسها ثم تعود لتحب من حولها و بالتالي تحب الوطن و تحب حسين!
ان دققت النظر ستجد لطيفة الزيات داخل روايتها، فكما قال احدهم ان الكاتب دائماً يترك جزء منه في كل قصة له، حيث استلهمت صورة و تأثير أخوها الاصغر في شخصية الأخ، و ليلي نفسها في تمردها و تصميمها نجدها في مراحل من حياة لطيفة.
الباب المفتوح واقعي اكثر، وان كانت كلتا الروايتين تدوران في جو من الاحداث السياسية، انا حرة تدور في أخر فترات حكم الملك و تصل للذروة مع ثورة يوليو، و الباب المفتوح تدور في اوقات الحرب مع الانجليز و العدوان الثلاثي.
إكتفي احسان بجعل بطلته تساند حبيبها في الثورة، فتنحت من دور البطولة ليأخذ عباس الراية منها و تصبح هي مجرد دور ثانِ مساند له.
أما لطيفة فجعلت بطلتها تدب بخطي ثابتة أرض المعركة، لتحارب و تعرق و تحرر الأرض بيدها، كند و شريك لحسين و كل من حارب، فكانت معهم و ليس تبعهم.
بالنسبة لتطور الشخصيات، فأمينة توقف تطورها منذ قابلت عباس و اصبحت تدور في فلكه، علي عكس ليلي التي كانت تتطور ثم اصابتها البلادة فعاد حسين و “هزها” حتي فاقت و استكملت تطورها، في الواقع أمينة لم تصل للباب المفتوح، لكنها فضلت ان تغمض عينيها في حضن عباس علي أن تدخله.
استطاعت لطيفة الزيات ان تعبر و توصل و تتحدث عن حرية الفتاة و الحب و كل الاحداث التي عاصرتها بشكل أفضل من حرية أمينة المزعومة، لأن الحرية ليست في اجاد رجل أفني كياني و كرامتي فيه.
لكن المؤكد و المشترك بين الروايتين أن الحرية هي الحب.

التمر حنة.


*نشر في المغفور لها بإذن الله مجلة حكايتنا.

الورد أحلي وﻻ الياسمين؟
التمر حنة
الفل أحلي وﻻ الياسمين؟
التمر حنة

جملة قالها رشدي أباظة رداً علي نعيمة عاكف، و الآن و بعد 52 عام علي إنتاج الفيلم مازالت الاجابة هي التمر حنة.

نعيمة عاكف الاحلي من التمر حنة و أزكي من الفل و الياسمين، نعيمة عاكف حيث الرقص فن و دلع و جمال و عالم يدور حول نجمها و ليس مجرد إثارة جسدية رخيصة او حركات تشنجية عنيفة، نعيمة عاكف الراقية بنت العائلة الفنية المخضرمة، هي الحسناء الرائعة ذات الحظ العسر.

من 92 عام خصوصاً في يوم 7 أكتوبر بدأ أحد النجوم البعيدة في ارسال ضوءه علي الارض، فولدت نعيمة عاكف .. و اذا اردت أن تعرف عن طفولتها و مراحل بلوغها فإبحث في أفلامها، قم بتجميع كل مشاهد القهر و الانتصار فالهروب و الابداع و الرقص في الشوارع فالغنّي و الحب لتجد بين يديك لمحات مثيرة من حياتها، فبدون قصد -ربما- وزعت نعيمة أهم حظات عمرها علي أفلامها و مثلتها بصدق ليتعرف عليها من أراد و لتخلد قصة حياتها مدي الحياة..

مع روعة نعيمة عاكف تلك، هل تدرك مدي جاذبية رشدي أباظة أو حلاوة أحمد رمزي !
حسناً ضف علي هذا صوت فايزة احمد و خفة دم زينات صدقي و لكنة إستيفان روستي..
هل تخيلت مدي الروعة! هذا يصف ببساطة فيلم "تمر حنة"
الفيلم كما تم التنويه في بدايته هو قصة حقيقية حدثت في محافظة الشرقية سردوها كما رواها أبطالها .. و هو اخراج و تأليف حسين فوزي زوج نعيمة عاكف الاول و ربما مكتشفها.

لكن لن نتحدث عن روعة الفيلم أو حلاوة رمزي التي كانت في قمتها او نضوج صوت فايزة أحمد و هي لم تتعد ال27 في هذا الفيلم، فيكفي أن نتحدث عن موال "أمَر من الصبر" و رقصة التمر حنة التي تتوسط الجزء الاول من أحداث الفيلم، فهي العبقرية مجسده و التي غالبا لم أري لها مثيل بعد..
الاغنية كما قيل في تتر الفيلم مهداه من الفنان محمد فوزي و بالطبع غناء فايزة أحمد و رقص نعيمة عاكف، يمكنك أن تغمض عينيك في أول دقيقتين من الأغنية و الاستمتاع بموال أمر من الصبر، الكلمات مع صوت فايزة أحمد هما البوابة المثالية للتمهيد للقادم و استقبال الفيلم، فكم قلب "متهناش" في هذا الفيلم !
ثم تبدأ رقصة التمر حنة، يفرش لها الطبل و المزمار و الصاجات طريق الدخول فتدخل لتتحكم بهم، فجسد نعيمة عاكف هو أقرب لمايسترو يحرك الكون من حوله، و انا واثقة من أن عبده الطبال -بطل رواية الراقصة و الطبال لإحسان عبدالقدوس- لو رآها لاعترف بشذوذها عن قاعدته -بأن الطبلة هي المايسترو الحقيقي الذي يحرك الراقصة و يحرك الجمهور و الراقصة ما هي الا صورة خلفية لها-، ترقص التمر حنة وسط نظرات الشهوة و الاعجاب مِن مَن حولها و أخصهم الثري الوسيم، و نظرات بلاهة و سذاجة حبيبها القوي التي سرعان ما تحولت لنظرات غيره علي وردته ..
التمر حنة لا تهتم بكل هذه النظرات الطائرة في الجو حولها، فهي ترقص .. جسدها يعطي الاشارات للناس من حولها فلا يساعهم الا ان ينفذوا، يعزفوا، و يستمتعوا ..

صنع الفيلم للتسلية التامة بلا أي عبر أو قيم أو خطب دخيلة عليه و غالبا هو كهذا المقال لن تخرج منه بشيء مفيد، لكنك بالطبع ستستمتع به .. الفيلم به راقصة و قوي عاشق و ثري يشتهي و أب طبقي كقصة مهروسة أنتج منها العشرات قديماً مع تغيرات طفيفة في الحبكة، و ينتج منها الكثير حالياً مع انعدام الحبكة ..
في الواقع عملية انتاج فيلم مُسلي خفيف بميزانية محدودة -نوعاً ما- هو ليس بالأمر الصعب، فقط استبدل راقصات الاغراء السخيف بفنانات حقيقيات و ضف بعض الثُقل في الفيلم من خلال أغاني و مواويل قوية تستحق أن تخلد .. و حاول ان تحب ما تصنع، فالسنيما ليست "سبوبة" إنما هي المتحكمة بأذواق و طبائع المجتمع.
فهل سيمد الله في أعمارنا حتي نجد فيلم خفيف لطيف ممتع بعيداً عن الاثارة السخيفة و العنف الغير مبرر و الاصوات البشعة تلك !

نصيحة: إن لم تشاهد الفيلم فشاهده.

يموت صانع البسمة مختنقاً بالدموع.


*نشر في مجلة حكايتنا/ مجرد فكرة -مش فاكرة.

رسم البسمة علي وجود العابسين هو أشرف و أصعب عمل يمكن للشخص القيام به، لكن كما يمكن أن يكون باب النجار مخلع و نظر دكتور العيون ضعيف، يمكن ان يكون الفكاهي تعيس في حياته، فأفضل فكاهة هي التي تخرج من رحم المعاناه.

عُجت وسائل التواصل بخبر وفاة روبن ويليامز و صدم البعض من اشتباههم بانتحاره شنقا لنفسه، فكيف للثري الوسيم الذي اضحك و أبكي الملايين طوال 50 عام ان ينهي حياته بالانتحار !
و يقول البعض انه كان يعاني من اكتئاب حاد تزامن مع محاولاته للاقلاع عن ادمانه للكحول و ضائقته المالية التي جعلته يشارك في المسلسل التليفزيوني دون المستوي "The Crazy Ones" والذي توقف بعد عرض موسم واحد فقط منه.

لكن أهذا سبب مقنع كفاية لتسوَد الدنيا في عيونه الزرقاء الصافية و تضيع معها روحه النقية و يقرر ان الاوان قد آن للرحيل عن هذا العالم !

في الواقع انا لا اجده كذلك، لكنه ليس الكوميدياني الاول الذي تنتهي حياته بمأساه.
فمن يخفي عنه قصة موت رياض القصابجي "الشاويش عطية" الذي اصابه شلل نصفي في الجانب الأيسر ولم يستطع أن يغادر الفراش ولم يستطع أيضا سداد مصروفات العلاج، و بعد فترة وتحديدا في 23 أبريل من عام 1963 لفظ القصابجي انفاسه الاخيره منتحراً -كما يشتبه البعض- بعد أن أكل الطعمية مع عائلته و استمع لصوت أم كلثوم، و المؤسف ان جثمانه ظل علي سريره ينتظر تكاليف جنازته ودفنه حتي تبرع بكل هذه التكاليف المنتج جمال الليثي !
و كذلك انتحار الكوميديان اللبناني الياس رزق بطل المسلسل اللبناني الكوميدي الاشهر في الثمانينات "الدنيا هيك" حيث أطلق الرصاص علي رأسه ليتخلص من الحياة و همومه المتراكمة فيها.

و بالطبع لا يخفي علي احد فاجعة انتحار الجميلة مارلين مونرو، و اذكر من رسالة انتحارها ما يلخص حال الكثيرين ممن اتقنوا تلبس الشخصيات حتي ضاعت شخصيتهم وسطها ..
تقول:
«لدي إحساس عميق بأنني لست حقيقة تماما، بل إنني زيف مفتعل ومصنوع بمهارة وكل إنسان يحس في هذا العالم بهذا الاحساس بين وقت واخر، ولكني أعيش هذا الاحساس طيلة الوقت، بل أظن أحيانا أنني لست إلا إنتاجاً سينمائياً فنياً أتقنوا صُنعه.»
و قال النجم الهندي شاروخان ما يشبه هذا القول في احدي البرامج الهندية، و نأمل أن لا تنتهي حياته بمأساة هو الاخر.

و داليدا التي قالت "الحياة لا تحتمل .. سامحوني" ثم أخذت كمية كبيرة من الاقراص المهدئة علَّها تهدئ من صراخ العالم حوالها.
و غيرهم مِن مَن اضحكونا و امتعونا من عاشوا في معاناة و ماتوا بمأساة، لكنهم -وان كان كلامي هذا سيبدو اكليشيهياً- الا انهم حقا سيبقوا في ذاكرتنا و جزء من وعيّنا و سبب في ابتساماتنا.

الحياة حقا لا تحتمل، و يبدو ان المظاهر حقاً خداعة و ان راسمي البسمة احيانا يحتاجون لمن يضحكهم.
لكن المأساة الاكبر هي لحظاتهم الاخيرة، حين يقفوا امام الموت وجهاً لوجه، أتمني ان يكونوا شعروا وقتها بالانتصار و ان الاتي استحق ما فعلوه .. فأنا اتخيل وجه روبن ويليامز في آخر لحظة في حياته حين رآي الموت و علم ان الحياة ربما تكون عاهرة لكنها تستحق فرصة اخري !

" أقرأ الجريدة, ماذا تقول؟ كل الأخبار سيئة... سيئة جداًّ!
لقد نسي الناس ما هي قيمة الحياة, لقد نسوا ما معنى أن تكون حياً؛ أنهم في حاجة الى أن نذكرهم بكل ما لديهم و كل ما يمكن أن يخسروه... ما أشعر به حقاً هي فرحة الحياة, هبة الحياة, حرية الحياة... بل و روعتها! "
-روبن ويليامز، Awakenings 1990

داعش لنصرة الاسلام.


*نشر في مجلة حكايتنا -الله يرحمها-

منذ ما يقرب من العام و النصف انتشرت أعمال تهجير و طرد الشيعة من بيوتهم الآمنة في مصر .. و بالطبع كأي انسان من صلب آدم كنت ضد تلك الاعمال فليس من حق أي انسان الحجر علي رأي انسان آخر و الادهي ليس من حق أي شخص طرد و ترويع الاخرين في بيوتهم، و حدث وقتها اني سمعت حوار جانبي لأحد موظفي رعاية الشباب في الجامعة يحيّ هؤلاء البواسل الذين قاموا بطرد الكفرة و ان الوقت قد حان "لتنظيف البلد"، و أذكر اني اقتحمت كلامهم معللة رفضي له بأن الاسلام مش كده و ان مفيش حاجة ممكن توصّل حد لانه يطرد حد تاني من بيته و يرميه في الشارع بدون وجه حق، فنظر وقتها لي بوجه جامد كأنه يقر مُسلَّمة يجب ان تفحمني و تخرسني فقال "دول بيشتموا الرسول"! و للاسف وقتها اظهرت استخفافي من كلامه قائلة بأن الرسول نفسه لم يكن يطرد من يشتموه فباغتني بنظرة نارية اخترقت روحي و و ارسلتني للجحيم في مكوك.
بالطبع هذا الرجل الآن يجلس أمام جهاز التلفاز الخاص به و يشاهد الاخبار عن داعش و يحيّ ما يفعله هؤلاء البواسل من طرد و قتل الكفار، غضاً كل البصر عن انهم لم يشتموا الرسول فحسب بل يشتموا الاسلام كله، و يشوهوا الرسالة كلها.
و بالطبع كي لا اظلمه قد يكون اصابه الخبل و تحلي بذرة انسانية و يستنكر ما يفعلوه و هو جالس علي مكتبه قائلا بفم ملئ بالطعام "بس ده مش الاسلام." و يكتفي بهذا القدر، فنحن حين نقبل وضع ننغمس فيه بكل جوارحنا و حين نرفضه نكتفي بإشارة لتسجيل الموقف.

في الواقع داعش ليست الاسلام و اعمال التهجير تلك لم تكن من الاسلام في شيء و كذلك ما نفعله نحن بإسم الاسلام، فما الفرق بين شخص سب الرسول علي العلن فخرج المسلمون من كل حشد و صوب يستهجنوا فعله و بين اشخاص يعثوا الفساد في البلاد رافعين علامة الاسلام و متحدثين بإسمه و ما اسلامهم الا صورة مشوهة لغزو قاعدي جديد.
لِمَ يصمت المسلمون علي الجرائم التي ترتكب بإسم الدين و لا تنفعه بل تشوهه و يثوروا علي من يشوه اشخاص -لا يمكن تشويههم- .. فمحمد لا خلاف عليه، رسول خلوق قوي لكن الاسلام كدين ملئ بالاشياء المتداخلة التي قد تسبب لبس عند البعض و يستغلها البعض بعيداً عن سياقها فتخرج صورة مهلهلة غير انسانية تتصدر الصحف عن جرائم الاسلام !
و حين يقرر المسلمون الاعتراض علي سب النبي و اظهارهم دائما بمظهر العنف يخرج البعض في مظاهرات عنيفة و يحطموا سفارات و يرفعوا صور مشانق ليؤكدوا للعالم بانهم ليسوا ارهابيين !!
لكن كل هذا يأخذنا لسؤال حيوي، فهل المسلمون يفهمون الاسلام حقاً !
ام هل انتقل الاسلام من كونه عقيدة توجّه الانسان للطريق الصحيح ليصبح مجرد دين أخر موروث تخالطه الشبهات !
علي ما يبدو ان هذا صحيح، ففي الوقت الذي يتشدق فيه بعض الاشخاص بكوننا شعب متدين و تصر المناهج التعليمية علي اظهار الشعب كشعب خلوق يحب دينه و ينصره لانه دائماً ما يقول "بسم الله" و "الحمدلله" يصبح الدين مقتصر علي مثل هذه الالفاظ الدينية و يُنسي جوهره، و في المقابل يظهر عفن النفوس و علي رأسه حجاب او في وجهه لحية، متنكراً في وجه رجل مؤمن فيخلط البعض بينه و بين الايمان الحقيقي.
كون إسم محمد هو أكثر الاسماء تسمية في العالم لا يجعل العالم مكان أفضل، بل وجود أشخاص كـ مُحمد يجعله كذلك.

يا إخوة، ان محمد ليس الاسلام بل هو رسول السماء، حافظوا علي الاسلام تحافظوا علي رسوله.